لماذا إنحدر مستوى الدوري الإيطالي؟

سنتحدث في هذه التدوينة عن أسباب تراجع الدوري الإيطالي في السنوات الأخيرة…دعونا نبدأ!


Serie A
الدوري الإيطالي

مراجعة تاريخية

أطلق الاتحاد الإيطالي لكرة القدم مباشرة بعد تأسيسه في 26 مارس 1898 مسابقة الدوري الإيطالي، وأقيمت النسخة الأولى بمشاركة أربع فرق في يوم واحد على أرضية ترابية بفيلودروم أومبرتو الأول بتورينو أمام حضور جماهيري لا يتجاوز 150 شخصا، ليشهد الدوري الإيطالي منذئذ تغييرات جذرية على نظامه الأساسي، ويسجل نجاحات كبرى لأنديته على الساحة القارية والدولية وتاريخيا تعتبر الأندية الإيطالية من بين أكثر الأندية الأوروبية وصولا للنهائيات وإحرازا للألقاب القارية بعد الأندية الإسبانية، بواقع 36 بطولة أوروبية.

كان يطلق على إيطاليا جنة كرة القدم في التسعينيات من القرن الماضي ولك ان تتخيل إنتقال رونالدو الظاهرة من برشلونة الإسباني إلى إنترميلان الإيطالي في قمة مستواه الفني وتصدره قائمة هدافين الدوري الإسباني بمبلغ قياسي وصل إلى 27 مليون دولار.

Ronaldo
رونالدو بقميص الإنتر

أيضا خلال نفس الفترة تواجد بالملاعب الإيطالية لاعبين أفذاذ مثل مارادونا وجورج ويا وباجيو وباتيستوتا وزيدان ونيدفيد وأخرون لن يكفي الوقت لذكرهم جميعا. ولكن في السنوات الأخيرة تراجع الدوري الإيطالي بشدة بين الدوريات الأوروبية الكبرى حتى تم إذاعة المباريات كاملة على يوتيوب لعدم وجود اهتمام من قنوات البث لدفع مبالغ كبيرة لبث مباريات البطولة!

هناك عدد من الأسباب وراء تراجع كرة القدم الإيطالية، أو الدوري الإيطالي تحديدا، في السنوات الأخيرة. سنناقش بعض الأسباب الأكثر شيوعًا فيما يلي:

مشاكل مالية

كانت أندية الدوري الإيطالي تعاني ماليًا منذ عدة سنوات. ويرجع ذلك إلى عدد من العوامل، بما في ذلك الأزمة المالية العالمية، وصعود الدوري الإنجليزي الممتاز بقوة، ونقص الاستثمار من الشركات الإيطالية. ايضا ضعف الإقبال الجماهيري على حضور المباريات ويرجع ذلك جزئيًا إلى ضعف البنية التحتية للاستاد في إيطاليا، ولكنه يرجع أيضًا إلى حقيقة أن المشجعين الإيطاليين تاريخيا لا يحضرون المباريات باعداد غفيرة كتلك التي نراها في بلدان أخرى.

حقوق البث التلفزيوني في دوري الدرجة الأولى الإيطالي تساوي أقل بكثير من حقوق البث التلفزيوني لبطولات الدوري الأوروبية الكبرى الأخرى. يرجع هذا جزئيًا إلى حقيقة أن الدوري الإيطالي لم يعد جماهيريا مثل البطولات الأخرى، ولكنه يرجع أيضًا إلى حقيقة أن الحكومة الإيطالية قد فرضت لوائح صارمة على بيع حقوق البث التلفزيوني.

نتيجة لذلك، اضطرت العديد من أندية الدوري الإيطالي لبيع أفضل لاعبيها لتغطية نفقاتهم كما رأينا مؤخرا ميلان الإيطالي يتخلى عن نجمه الشاب تونالي لصالح نيوكاسل الإنجليزي.


ضعف الاستثمار في تنمية المواهب الشابة

لم تستثمر الأندية الإيطالية الكثير في تنمية الشباب مثل نظيراتها في البطولات الأوروبية الأخرى. ويرجع ذلك جزئيًا إلى حقيقة أن الدوري الإيطالي سيطر عليه عدد قليل من الأندية، مثل يوفنتوس وميلان، الذين تمكنوا من جذب أفضل اللاعبين من جميع أنحاء العالم. نتيجة لذلك، هناك نقص في اللاعبين الإيطاليين الشباب الموهوبين القادمين من دوريات الشباب والناشئين.


فقر البنية التحتية للملاعب والاستادات

تعد البنية التحتية الضعيفة للملعب في الدوري الإيطالي مشكلة كبيرة تعيق نمو الدوري لسنوات عديدة. معظم الملاعب في الدوري الإيطالي قديمة وعفا عليها الزمن ، ولا تفي بمعايير البطولات الأوروبية الكبرى الأخرى. يؤدي ذلك إلى تجربة سيئة في يوم المباراة للجماهير، ويمكنه أيضًا ردع المستثمرين المحتملين.

هناك عدد من الأسباب لسوء البنية التحتية للاستاد في الدوري الإيطالي. أحد الأسباب هو أن الحكومات الإيطالية في السنوات الأخيرة لم تكن داعمة لكرة القدم كما فعلت الحكومات السابقة. كما لم تقدم الحكومة الكثير من التمويل لبناء الملاعب أو تجديدها، الأمر الذي ترك الأندية تتحمل العبء على عاتقها.

San Siro
سان سيرو - ملعب ميلان

سبب آخر هو أن الاتحاد الإيطالي لكرة القدم كان بطيئًا في التعامل مع هذه القضية. فأظهر تردد ملحوظ في إجبار الأندية على تحديث ملاعبها، وبدلاً من ذلك ركز على أولويات أخرى، مثل اللعب المالي النظيف وخصم النقاط من يوفنتوس!


العنصرية والعنف

كرة القدم الإيطالية لها تاريخ طويل من العنصرية والعنف. وقد أدى ذلك إلى انخفاض في الحضور، كما جعل من الصعب على الدوري الإيطالي جذب أفضل اللاعبين.

  • في عام 2019، تعرض لاعب الوسط الغاني سولي مونتاري لهتافات عنصرية من جماهير كالياري خلال إحدى المباريات. وخرج مونتاري من الملعب احتجاجا، وأوقفت المباراة في وقت لاحق.
  • في عام 2020، تعرض السنغالي خاليدو كوليبالي مدافع نابولي لإساءات عنصرية من قبل جماهير إنتر ميلان خلال مباراة ورد كوليبالي بالإشارة إلى لون بشرته وصرخ "القرود".
  • في عام 2021، تعرض ليوناردو بونوتشي مدافع يوفنتوس لانتقادات بسبب رده على الإساءة العنصرية الموجهة إلى مويس كين، زميله في ذلك الوقت وقال بونوتشي إن الإساءة كانت "50-50" خطأ كين والجماهير في نفس الوقت.

Riots
شغب الجماهير

هذه مجرد أمثلة قليلة على العنصرية التي ابتلي بها الدوري الإيطالي في السنوات الأخيرة. اتخذت الرابطة بعض الخطوات لمعالجة المشكلة، مثل فرض عقوبات أكثر صرامة على السلوك العنصري وإنشاء برامج تعليمية للجماهير. ومع ذلك، لا يزال يتعين القيام بالمزيد لمكافحة العنصرية في كرة القدم الإيطالية.

العنف في الدوري الإيطالي يمثل مشكلة أيضًا. في عام 2017، قُتل مشجع بعد تعرضه للطعن من قبل مشجع آخر بعد مباراة بين لاتسيو وروما، وفي عام 2018، تم القبض على عدد من مشجعي نابولي لمهاجمتهم ضباط شرطة بعد مباراة ضد يوفنتوس.

العنف في الدوري الإيطالي مشكلة خطيرة تحتاج إلى معالجة. اتخذ الإتحاد الإيطالي بعض الخطوات لتحسين الأمان في المباريات، ولكن هناك المزيد الذي يتعين القيام به لمنع حدوث العنف.


الخاتمة

على الرغم من هذه التحديات، هناك بعض المؤشرات على أن كرة القدم الإيطالية بدأت في التعافي. جلبت الملكية الجديدة ليوفنتوس وميلان استثمارات هم في أشد الحاجة إليها. بالإضافة إلى ذلك، اتخذ الإتحاد الإيطالي خطوات لمعالجة مشاكل العنصرية والعنف. يبقى أن نرى ما إذا كانت كرة القدم الإيطالية ستستعيد مجدها السابق. ومع ذلك، هناك أسباب تدعو للتفاؤل بأن الدوري يسير على الطريق الصحيح.


كتب: محمد إلهامي

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال